الثلاثاء، 21 فبراير 2017

الادراك في علم النفس / د. لؤي زعول

الادراك/ في علم النفس
مفهوم الادراك:
ان لموضوع الادراك تاريخ طويل في الفكر الإنساني، فقد كان موضع خلاف بين الفلاسفة وعلماء النفس، لان موضوع الادراك واسع جدا ويشمل عمليات عقلية كثيرة، يمكن النظر اليها على انها عملية بحث عن افضل التفسيرات للمعلومات الحسية من خلال معرفة خواص الاجسام، حيث تكمن اهمية الادراك في كونها تزود الفرد بالمعلومات عن عالمه الداخلي والخارجي، وتحفظ حياته وتساعده على التكيف والتوافق من خلال استخدام السلوك الانساني السوي، أي ان الفرد لا يستطيع التوافق الاجتماعي والعيش بهدوء مع الاخرين إلا اذا ادرك رغباتهم واتجاهاتهم وشعورهم، حيث ان عملية الادراك عملية اساسية في جميع العمليات العقلية الاخرى مثل التفكير والتذكر والتعلم، فلا يستطيع الفرد تعلم شيء او يفكر به إلا اذا عرفه وأدركه بالشكل الصحيح، فالعمليات العقلية الثلاث تعتبر اساس لمحور التنظيم المعرفي وهي:
1-  الادراك: هو تفاعل الفرد مع البيئة وحصوله على المعلومات منها.
2-  التذكر: حفظ المعلومات التي حصل عليها الفرد من الادراك.
3-  التفكير: وهي تفاعل المعلومات الحاضرة مع الماضية وإنتاج تنظيمات عقلية جديدة.
تعريف الادراك :
عرف الادراك: انه العمليات التي تتم بها معرفة الفرد لبيئته الخارجية التي يعيش فيها ولحالته الداخلية، أي اعطاء معنى للمحسوسات، وتحديد دلاله للشيء المدرك يتم بواسطة معرفة ما حولنا من اشياء عن طريق الحواس مثل الصوت الذي نسمعه ليس مجرد صوت بل يتم تفسيره على انه صوت سيارة او غير ذلك.
الادراك الحسي:
وهي العمليات العقلية التي يتم اعطاء الفرد معنى للمثيرات الحسية الصادرة عن الموضوعات التي تحيط به، وعن حالته الداخلية التي يتلقاها بوسطة أجهزته الحسية المختلفة، بمعنى اخر هي وسيلة الفرد للوصول الى المعرفة والتكيف مع تلك المعرفة، فيدرك الفرد مثلا ان الصوت الذي يسمعه هو صوت صديقه ومن ثم يسلك سلوكا يتناسب مع صديقه. وتصدر تلك المثيرات الحسية من خلال بيئة الفرد الداخلية او الخارجية، فالداخلية مثل احساس الفرد بالجوع والعطش اما الخارجية مثل مشاهدة شيء ما او سماع صوت يدلنا على صاحبة من خلال الحواس المعروفة لدبنا.

وتختلف الاحساسات الناتجة عن المؤثرات الحسية من حيث:
1-  اختلاف الاحساسات في النوع: بحيث تختلف الاحساسات التي تنتقل بواسطة جهاز حسي  عن الاحساسات التي ينقلها جهاز اخر. حيث تختلف الاحساسات البصرية عن الاحساسات الصوتية، كما انها تختلف في نفس النوع مثل اختلاف احساسات الحلو عن احساسات المر.
2-  اختلاف الاحساسات في الشدة: وهي درجة الاختلاف في شدة الاحساس مثل تدرج اللون الواحد.
3-  اختلاف الاحساسات في المدى: تختلف الاحساسات فيما بينها من حيث مساحة القسم من جسم الفرد الذي تؤثر فيه، فقد تؤثر مثلا احساسات الالم في جزء صغير من الجسم او جزء كبير.

عملية الادراك الحسي: هي تفسير وتأويل للاحساسات التي تقلها الاجهزة الحسية المختلفة (السمع، التذوق، البصر، الشم واللمس)، وتعتبر عملية معقدة تتوقف على نفاعل مجموعة عوامل يتعلق بعضها الاخر بالبيئة المحيطة وطبيعة الشيء المدرك.

اهمية الادراك:
1-  الادراك هو الوسيلة التي يتصل الانسان مع بيئته فلا يستطيع ان يحافظ على حياته إلا اذا ادرك الاخطار التي تهدد حياته.
2-  الادراك يوجه السلوك: أذ ان سلوكنا يتوقف على كيفية ادراك الاشياء.
3-  يرتبط الادراك بشخصية الفرد وتوافقه الاجتماعي، فالواقع ان السلوك الاجتماعي للفرد حيال الاخرين يتأثر الى حد كبير بإدراكه لهم، وكلما كان ادراك الشخص دقيقا كان السلوك الاجتماعي سويا، فالشخص الذي يدرك ان هناك خطر على حياته يبتعد عن مصدر الخطر.

انماط الادراك:
1-  النمط التركيبي مقابل النمط التحليلي: يتميز النمط التركيبي بادراك الاشياء ككل متكامل، اما التحليلي فيتميز بالميل الى ادراك التفاصيل والأجزاء اكثر من ادراك الاشياء ككل متكامل.
2-  النمط الموضوعي مقابل النمط الذاتي : يتميز النمط الموضوعي بالتركيز على الدقة والنوعية، في حين يركز النمط الذاتي على الكم دون العناية بالنوع او الدقة او بصحة ما يدركه.
3-  نمط الشخصية المستقلة ونمط الشخصية المعتمدة او الاتكالية: يضع الشخص المستقل احكامه دون تأثير كبير بالمثيرات الادراكية الخارجية، اما الشخص المعتمد فيضع احكامه بحيث يستجيب بسرعة لما يطرأ على الاشياء من تغيرات خارجية ادراكية.

انواع الادراك:
1-  الادراك المتميز المنفصل، كان ندرك الشيء لذاته، فتدرك ان الماء للشرب.
2-  ادراك ينطوي على المعاني والدلالات، بمعنى ان تدرك الاشياء لغيرها، فوجود كفتي الميزان بشكل متساو بالمحكمة دلاله على العدالة.

كيف يحدث الادراك:
تمر عملية الادراك بعمليتين هما:
1-  التنظيم الحسي:
مثل ادراك شكل معين او صوت معين او ملمس معين، ويتم الاحساس عن طريق البصر او اللمس او الذوق او عن طريق العضل، كما ان هنالك احساسات داخلية كالجوع والتعب والألم، وتعتبر الحواس هي المنافذ الرئيسية للإنسان على العالم الخارجي، وهي الاجهزة التي زود بها الانسان للاتصال بهذا العالم. 

2-  عملية التأويل او التفسير:
وهنا نعطي الاشياء والتي نحس بها معنى معينا بناء على الخبرات الموجودة لدينا وبناء على ذكائنا وثقافتنا ومعتقداتنا.

شروط حدوث عملية الادراك:
1-  وجود العالم الخارجي المملوء بأشياء وموضوعات ذات دلاله خاصة تميز كل موضوع منها عن الاخر كما ان كلا منها يؤدي غرضا خاصا.
2-  وجود الذات التي تدرك، فمهما حاولنا ان نستعيض عن الذات بالات وأجهزة، حتى ما هو الكتروني منها، فان عملية الادراك لا يمكن ان تحدث، لان الادراك هو ادراك ذات تشعر بموضوع مدرك.

مبادئ الادراك:
1-  يسير الادراك من الكل الى الجزء: والنظرة الاجمالية تسبق التحليل، فالإنسان اذا نظر الى منظر طبيعي فان اول ما يراه الشكل العام ثم اذا اطال النظر تأخذ تفاصيل المنظر بوضوح.
2-  تنظيم المجال الادراكي الى شكل وأرضية (صورة وخلفية): فالسامع الى نغم معين يدركه على ارضية مكونة من انغام اخرى وضوضاء، او ارضية ساكنة، والناظر الى صورة يدركها على ارضية خاصة بحيث يبرز فيها الشكل عن ارضية الصورة.
3-  ينظم الادراك صورة انتقائية: فالفرد يرى في بيئته موضوعات مختلفة مثل: اشخاص، حيوانات، مباني، طيور،،،الخ. ولا يدخل في مجاله الادراكي سوى موضوعات معينة فقط، وأما بقية الموضوعات، فلا تدرك على الاطلاق  او ربما يدركها بشكل ضعيف.
4-  تتأثر خصائص الجزء بالكل الذي يندرج فيه: فعندما يدخل عنصر معين في اطار كلي، فان خصائص هذا العنصر تكون عرضة للتغير.

العوامل التي تؤثر على الادراك:
أ‌-  العوامل الذاتية: وهي العوامل التي يكون مصدرها الذات التي تدرك مثل الميول والاهتمامات والمزاج والعواطف وفيما يلي توضيح لبعض هذه العوامل:
1-  عوامل انتقائية توجه الادراك وجهة معينة دون غيرها، فالأم تنتبه الى صراخ طفلها ولا تنتبه الى أي صوت اخر.
2-  عوامل تتعلق بشخصية الفرد مما يؤثر في تفسيره لما يدركه ويؤدي الى تحريفه، فقد يرى ابتسامة فرد معين على انها سخرية.
3-  الحالة الجسمية للفرد، فالجائع قد يفسر رؤيته لأشياء غير واضحة على انها طعام بينما يفسرها فرد غير جائع تفسيرا اخر.
4-  الحالة المزاجية يختلف تفسير الاشياء حسب حالته المزاجية من الرضا والقلق والتزمت، وفي حالات الانفعال يتشوه الادراك.
5-  التوقع والتهيؤ النفسي فالفرد يرى ما يتوقع رؤيته ويسمع ما يتوقع ان يسمعه.
6-  العواطف والانحياز والميول فنحن لا نرى عيوب الاشياء التي نحبها.
7-  اثر الكبت، فالكبت يفسد ادراكنا للواقع ولأنفسنا، فنحن لانرى عيوبنا ولكن نسقط هذه العيوب على الاخرين.
8-  اثر المعتقدات: يعجز الانسان عن ادراك الحقائق اذا كانت تخالف معتقداته.
9-  اثر القيم: هي معايير يحكم الناس بها على الاشياء والأفكار والأهداف بأنها هامه او ذات معنى في حياتنا، ويفضلونها على غيرها والقيم تتضمن احكاما عقلية وانفعالية عن العالم الانساني والاجتماعي والمادي وعادة ما يدرك الفرد ان الاشياء التي يحتاجها تكون صعبة المنال.
10-   الاستعداد: استعداد الفرد لمواجهة مواقف ادراكية جديدة والتكيف معها.
11-   الخبرة: تلعب الخبرة دورا هاما في عملية الادراك، وبذلك فان القدره على فهم معنى مدرك معين ترتبط برباط وثيق مع الخبرة.
12-الانتباه: وهو حالة تركيز العقل او الشعور حول موضوع معين، وهذا يعتمد على الموقف الذي يوجه فيه الملاحظة، فاذا كان الموقف غير مألوف فان الفرد يركز الانتباه عليه.
ب‌- العوامل الخارجية: هي التي تخص الموضوع المدرك ومنها: 
1-  التكرار: فالموضوع الذي يتكرر دائما يفرض نفسه في مجال ادراكنا.
2-  الشدة: فالموضوع الاكثر شدة (كالصوت المرتفع) يسهل علينا ادراكه اكثر من الموضوع الاقل شدة.
3-  الحركة: فالموضوع المتحرك يقع في مجال ادراكنا بسرعة اكثر من الموضوع الثابت، وهذه كلها حقائق يدركها جيدا خبراء الدعاية ويستخدمونها لجذب انتباه الناس.
4-  التباين: فالموضوع الغير مألوف يكون اقل ادراكا من الموضوع المألوف.

العلاقة بين الادراك والانتباه:
الانتباه: هو تركيز الشعور في شيء معين ويشير الانتباه الى الكيفية التي يتم فيها اختيار مدركاتنا، فالدماغ يواجه فيضا من المثيرات، لذلك يقوم باختيار المثيرات الجزئية المكونة للمثير الاكثر اهمية واثارة للانتباه، والانتباه يسبق الادراك وهو مشابه عند الجميع بينما يمثل الادراك المعرفة ويأتي بعد الانتباه، وهو مختلف عند الناس، فمثلا عند النظر الى صورة معلقة على الحائط من قبل شخصين فان كلا منهما يرى كل ما في الصورة، ولكن كلا منهما يركز على جانب معين.
يقسم الانتباه من ناحية مثيراته الى ثلاث اقسام هي:
1-  الانتباه القسري (الاجباري): وهنا ننتبه الى بعض المثيرات دون غيرها رغما عنا مثل الانتباه الى صدمة كهربائية او الانتباه للانفجارات والأصوات العالية.
2-  الانتباه التلقائي: بمعنى اننا ننتبه الى الاشياء التي نميل اليها ونهتم بها فعند النظر الى مجموعة من الكتب فان كل فرد يتناول الكتاب الذي يميل اليه.
3-  الانتباه الارادي: بمعنى ان الانسان حر في ان ينتبه او لا ينتبه مثل الانتباه الى محاضرة، او حديث جاف، ويتوقف الجهد المبذول على شدة الدافع الى الانتباه وعلى وضوح الهدف من الانتباه.

الاثنين، 13 فبراير 2017

التذكر و النسيان في مدخل الى علم النفس / د. لؤي زعول

مدخل الى علم النفس                  جامعة الخليل                          د. لـؤي زعـول
التذكر والنسيان:
للذاكرة دور مهم جداً في مختلف الأنشطة السلوكية التي يؤديها الإنسان وهي تجسد الاحتفاظ او تثبيت المعلومات بالذاكرة في معناها الواسع، فبدون الذاكرة لن يحدث التعلم، ويصبح عقل الإنسان كالصفحة البيضاء تمر عليه الأحداث دون أن تترك أثر فيه، وكأنه يتعرض لها لأول مرة. ويعني هذا إعاقة قدرة الإنسان على التكيف مع البيئة، سواء كان هذا فيما يتصل بتكوين الشخصية، أو بناء العمليات المعرفية، فكلما كانت الذاكرة أكثر قوة وفاعلية، كلما تمكن الانسان من الاستفادة من الخبرات التي يتعرض لها، وكلما أمكنه توظيف هذه الخبرات في الإنشطة المستقبلية.
تعريف الذاكرة:
" هي تلك المنظومة التي تحدث من خلالها عمليات الاحتفاظ او التخزين والترميز والاسترجاع للمعلومات والاستعادة لها بصورتها الأصلية ". وتشترك تعريفات الذاكرة، رغم تعددها، بالتالي:
         توصف الذاكرة بأنها نشاط عقلي معرفي.
         تضم الذاكرة عدد من المستويات (مباشرة، قصيرة، طويلة).
         تتضمن الذاكرة عدد من عمليات المعالجة (الترميز، التخزين او الاحتفاظ، الاسترجاع).
         تتحدد دقة التذكر في ضوء مدى التطابق بين كل من المعلومات المسترجعة والصورة الأصلية لهذه المعلومات عند تخزينها.
عمليات الذاكرة:
يتكون نموذج معالجة المعلومات بثلاث عمليات أساسية فيما يتصل بالتذكر، وتتضمن هذه العمليات المعالجات التي تجري عليها منذ استقبال المدخلات الحسية لها، ثم تحويلها إلى نبضات عصبية كهرومغناطيسية، لتخزينها، واستعادتها مرة أخرى عند الحاجة إليها في تنفيذ مختلف المهام. وفيما يلي عرض لهذه العمليات الثلاث: (الترميز، الاحتفاظ والاسترجاع).
الترميز:
" يعني عملية تحويل المدخلات الحسية إلى رموز أو صور يسهل الاحتفاظ بها في الذاكرة." ويتم ترميز المدخلات الحسية على شكل نبضات عصبية كهرومغناطيسية لكي تنتقل عبر الألياف العصبية إلى مختلف مناطق القشرة المخية، وتستقبل من جهاز الذاكرة فيه، وتمثل هذه الرموز المصادر الحسية للمنبهات تمثيلاً دقيقًا. وتوجد أكثر من صورة  للترميز منها:
       الترميز البصري: ويتضمن تمثيل الخصائص البصرية للمنبهات في شكل صور، مثل الشكل، واللون، والحجم، والموقع.
       الترميز السمعي: ويتضمن تمثيل الخصائص الصوتية للمنبهات في شكل أصداء صوتية، مثل التردد، والشدة، والنغمة.
       الترميز اللمسي: ويتضمن تمثيل الخصائص اللمسية المميزة للمنبهات، مثل الخشونة، والنعومة.
       الترميز الدلالي: ويتضمن تمثيل الكلمات في ضوء ما تدل عليه من معان.
       الترميز الحركي: ويتضمن تمثيل الأفعال الحركية من حيث طبيعتها، وتسلسلها، وكيفيـة تنفيذهــا.
التخزين او الاحتفاظ:
" هي عملية الاحتفاظ بالمعلومات التي تم ترميزها في الذاكرة، بصورة منظمة تيسر عملية استرجاعها عند الحاجة إليها." وتتأثر عملية التخزين بمدى تهيؤ الشخص واستعداده، وبالمجهود الذي يبذله في حفظ المادة التي يتعرض لها، وبكون المادة واضحة، وسهلة، ومفهومة، وبمعنى أدق ذات معنى.
الاسترجاع:
" بمعنى قدرة الشخص على استعادة المعلومات التي سبق له أن قام بترميزها، وتخزينها، على نحو يتطابق مع الشكل الأصلي لهذه المعلومات."

يتم التمييز بين أنظمة الذاكرة من خلال:
         السعة: وتتمثل في كمية المعلومات التي يستطيع النظام الاحتفاظ بها في لحظة من اللحظات.
         شكل التمثيلات: ويشير إلى طبيعة التحويلات التي تجري على المعلومات لتيسير عملية الاحتفاظ بها.
         مستوى التنشيط: ويشير إلى مدة الاحتفاظ بالمعلومات قيد المعالجة وارتباطها بالصور الذهنية.
انظمة التذكر:
الذاكرة الحسية:
تُعرف الذاكرة الحسية " باسم المخزن الحسي أو المسجل الحسي وتختص بنقل المعلومات في صيغـة خام غير معالجة نسبيًا لفتـرة قصيرة جدٍا من الزمن بعد اختفاء الصورة التي يكـون عليها المثيـر". وتستقبل هذه الذاكرة كمية كبيرة وغير محدودة من المدخلات الحسية، وتمتاز بالسرعة الكبيرة في نقل هذه المدخلات، إلا أن وقت احتفاظها بهذه المدخلات لا يزيد عن نصف ثانية.
 ويرجع هذا للأسباب التالية:
       عدم القدرة على الانتباه لجميع المدخلات الحسية.
       تجاهل الشخص للعديد من المدخلات الحسية لاعتقاده في عدم أهميتها.
       غموض بعض المدخلات الحسية، مما يعجل بتلاشيها دون استخلاص أي معنى منها.
       تعد هذه الذاكرة بمثابة محطة لنقل المدخلات الحسية إلى مراحل أخرى من المعالجة.  
الذاكرة قصيرة المدى:
تُعد هذه الذاكرة بمثابة المحطة الثانية للاحتفاظ بالمدخلات الحسية التي تم استقبالها من الذاكرة الحسية، وتستقبل المعلومات التي يتم الانتباه إليها فقط. وتشكل مستودعًا مؤقتًا للتخزين، يتم فيه الاحتفاظ بالمعلومات لوقت قصير جدًا لا يتجاوز نصف دقيقة. ويتم في هذه الذاكرة معالجة المدخلات الحسية بشكل يتيح استخلاص بعض المعاني.
الذاكرة طويلة المدى:
تشكل هذه الذاكرة المستودع الثالث في نظام معالجة المعلومات، وتستقر فيها المعلومات بصورتها النهائية بعد معالجتها وترميزها في الذاكرة قصيرة المدى، وتمتاز هذه الذاكرة بسعتها الهائلة على التخزين بعد تكرارها للمعلومات مرات عديدة، ولا تكون آثار هذه الذاكرة فعالة إلا إذا تدعمت وفقًا لقوانين التعلم، وتبقى الخبرات المخزنة فترة أطول قد تمتد إلى سنوات أو إلى آخر العمر وهي أكثر ميلاً لمقاومة الانطفاء.
أنواع الذاكرة طويلة المدى:
         ذاكرة المعاني: وتخزن فيها شبكات من المعاني التي ترتبط بالأفكار، والحقائق، والمفاهيم.
         ذاكرة الأحداث: وتُخزن فيها جميع المعلومات المرتبطة بمختلف الخبرات الشخصية التي مر بها الشخص خلال حياته. وتُسمى هذه الذاكرة بالذاكرة التسلسلية، لأن الأحداث تُرتب فيها ترتيبًا زمنيًا من الأقدم إلى الأحدث.
         الذاكرة الإجرائية: وتختص بتخزين المعرفة المرتبطة بكيفية تنفيذ الإجراءات والقيام بعمل ما، كالسباحة أو قيادة السيارة.



المبادئ النفسية للتذكر:
1-    يتوقف التذكر الفعال على التخزين الفعال للتعليم.
2-    ان تخزين واستدعاء التعليم ذو المعنى افضل من تخزين واستدعاء التعليم الذي لا معنى له.
3-    يتفاوت الناس كثيرا في قدراتهم على الحفظ والتذكر.
4-    يرتبط الحفظ والتذكر على الوقت واسلوب التعلم وطبيعة المادة المتعلمة.
5-    ان مراعاة شروط التعليم والتعلم الجيدين تيسر عمليات تعلم التذكر وتقلل من اخطار النسيان.
6-    ان التدريب على ما تم تعلمه والتكرار المنظم والموزع ينشط من عمليات الاحتفاظ والتذكر.   

العوامل التي تساعد على التذكر:
1.    العمر: يختلف الاشخاص في قدراتهم على التذكر تبعا لأعمارهم، فمدى الذاكرة يتقدم طبقا لنمو العمر، الا انه يتوقف عن الزيادة الى حوالي سن السادسة عشرة، كما ان مدى الذاكرة يتأخر بشكل واضح في الشيخوخة، وقد وجد ان قدرة  الكبار على تذكر الجمل والقطع النثرية اقل من قدرة الصغار، بسبب صعوبة قدرتهم على ربط المعلومات الجديدة مع المعلومات القديمة لديهم.
2.    الجنس: ثبت من التجارب العلمية ان الاناث يتفوقن على الذكور في تذكر المادة عديمة المعنى (المادة الصماء) بينما يتفوق الذكور على الاناث في الذاكرة المبنية على الفهم.
3.    الذكاء: هناك علاقة موجبة جزئية بين الذكاء والتذكر، فالأذكياء اقوى في القدرة على التذكر من الاشخاص الاقل ذكاءً، ولكن لا يعني ذلك ان كل شخص قوي الذاكرة يكون ذكياً او ان كل شخص ضعيف الذاكرة يكون غبياً.
4.    الصحة: فقد ثبتت ان الامراض المعدية الطويلة لها اثر على قدرة التذكر، وان الصحة العامة توثر على الذاكرة بشكل عام. 
5.    الدافع الشخصي: ان رغبة الفرد في تعلم المادة التعليمية تزيد من تذكرها، لهذا رأى المربون ربط الدراسة بحياة الاطفال وجعلها على شكل مشكلات تتعلق بحياتهم، وان ارتباط التعلم بحاجات المتعلم ومشاعره يزيد من التذكر وقد وجد ان الافراد يتذكرون الامور السارة بالنسبة لهم وينسون الامور المزعجة. 



الاستراتيجيات المساعدة على التذكر:
تشير استراتيجيات التذكر إلى " الأساليب أو الطرق التي يمكن استخدامها في تقوية وتعزيز عملية الاختزان أو الاستدعاء للمعلومات الموجودة في الذاكرة. " ويتضمن هذا التعريف جانبين من جوانب عمليات الذاكرة هما:
*حفظ وتخزين المعلومات.                    * تذكر واستدعاء المعلومات المخزنة .
أهم الاستراتيجيات المساعدة على التذكر:
·        إستراتيجية التسميع الذاتي:
ويُقصد بها "  التسميع العلني أو الصريح للمعلومات المراد الاحتفاظ بها." ويساعد هذا التسميع على تنظيم المادة المتعلمة، ويجعلها أكثر وضوحًا، ويضفي عليها معنى، الأمر الذي ييسر من عملية استرجاعها عند الحاجة إليها. وهذه الاستراتيجية سهلة التعلم وقابلة للتطبيق على مدى واسع من الأشخاص، فعلى سبيل المثال يسهل استخدامها مع التلاميذ العاديين وكذلك المتأخرين دراسيا، وأيضًا ذوي صعوبات التعلم.
·        إستراتيجية التنظيم أو التخزين:
تشير هذه الإستراتيجية الى " عملية تجميع أو تصنيف العناصر المتشابهة وفق تنظيم معين، يتمثل في تحديد نمط من العلاقات بين وحدات المعرفة المراد الاحتفاظ بها." فعلى سبيل المثال يمكن القول أن " الأسد، والضبع، والفهد، والأبل، الخراف، والأبقار" حيوانات، لكن " الأسد، والضبع، والفهد" حيوانات مفترسة، أما الأبل، والخراف، والأبقار" فإنها حيوانات عادية.
·        إستراتيجية التصور أوالتخيل:
ويقصد بها: " إنتاج صور عقلية مبتكرة ترتبط بالمادة المقروءة، مما يؤدي إلى تحسن في عملية تذكر هذه المادة." ويشير مفهوم التصور الذهني إلى حدوث تمثيل عقلي أو صورة ذهنية للشيء الذي سبق للمرء أن تعرض له، ولا يكون له وجود فعلي لحظة تصوره.
وتظهر أهمية هذه الاستراتيجية من أن الكلمات المادية والتي لها كيان ملموس يسهل تصورها مثل كلمتي (حصان أو شجرة)، ويكون تعلمها أسهل من تعلم الكلمات المجردة التي ليس لها ترميزات حسية ملموسة، مثل كلمتي (حقيقة او حرية)، وهذا نظرًا لأن الكلمات المحسوسة يتم تذكرها من وجهتين ككلمات أولا، ثم كصور ذهنية ثانيًا، بينما الكلمات المجردة يكون تمثيلها لفظي فقط.


·        استراتيجيات تنظيم مهام التعلم البسيطة:
 تُستخدم لتحويل المعلومات إلى صيغة أخرى أسهل فهمًا، كأن يستخدم المتعلم نظامًا أو أساسًا معينًا لتنظيم العناصر أو المعلومات غير المرتبة.
·        استراتيجيات تنظيم مهام التعلم المعقدة:
 وتتضمن تكوين خريطة معرفية للمعلومات توضح العلاقات فيما بينها، أو عمل تنظيم هرمي، أي تحديد النقطة الأساسية والنقاط التي تتفرع منها، أو رسم يوضح العلاقة السببية بين عدة متغيرات. وتتوقف كفاءة عملية التنظيم على العوامل التالية:
      قابلية المادة للتنظيم أو التصنيف أو الربط بين مكوناتها.
      مدى ألفة الشخص بالمادة.
      كيفية عرض المادة موضوع الحفظ والتذكر أو تنظيمها.
      النشاط الذاتي الذي يبذله الفرد في حفظها وتجهيــزها واسترجاعــها
الخطوات الإجرائية لتطبيق استراتيجية التنظيم :
-       إدراك الشخص لوجود علاقات بين مكونات المادة التي يتعلمها.
-       محاولة الشخص التوصل إلى المبدأ الذي يمكن في ضوئه تصنيف هذه المادة.
-       تكرار الشخص للعناصر المتضمنة في كل فئة مما يؤدي إلى حفظ القائمة كلها .

النسيــــــــــــــان
مفهوم النسيان:
عرّف النسيان بأنه فقد المادة المحفوظة في الذاكرة أو عدم القدرة على الاحتفاظ او التثبيت، ويُعرف أيضًا بأنه فقدان جزئي أو كلي مؤقت أو دائم، لما تم اكتسابه من ذكريات ومهارات، وبلغة أخرى: هو عجز في الاسترجاع أو التعرف على خبرة تم تعلمها في زمن ماض. وتقاس قيمة المادة المفقودة بالمعادلة التالية: 
(كمية المادة المكتسبة – كمية المادة المسترجعة = النسيان)
يواجه كل فرد منا مناسبات يفشل في استرجاع بعض المعلومات، ثم عندما تتغير الظروف بعد ذلك يتذكر تلك المعلومات مرة اخرى بشكل تلقائي بطريقة او بأخرى، واذا كان النسيان في معظم الاحيان ظاهرة مؤقتة اكثر منها ظاهرة دائمة، لذا فقد ادعى بعض علماء النفس ان النسيان لا يفقد شئ ما، بل انه اشبه بعدم القدرة على العثور على ذلك الشي.
 فالنسيان يظهر بسبب فشل معين قد يطرأ على الميكانيزمات المسؤولة عن عمليات التذكر. وغالبا ما تفشل هذه الميكانيزمات لعدم توفر المؤشرات اللازمة لنجاحها. وان النسيان ليس بالعملية السلبية التي تحصل مع مرور الزمن، حيث ان الافراد يميلون الى نسيان الاشياء الغير سارة وتذكر الاحداث الايجابية، كما ان المادة المحفوظة تتناقص كلما مر الزمن خاصة عند عدم استرجاعها.

النظريات المفسرة للنسيان
توجد أكثر من نظرية لتفسير النسيان، منها ما يلي:
نظرية تغير الأثر:
فسرت نظرية الجشطالت ظاهرة النسيان في ضوء قوانين التنظيم الإدراكي، التي غالبا ما تظهر في مبادئ الإغلاق، والاتساق، والتشابه، والتقارب، والشكل الجيد. حيث يميل الأشخاص بصفة دائمة لإعادة تنظيم خبراتهم الإدراكية لتبدو أكثر اتساقًا واكتمالاً. ويُفترض إن عملية إعادة التنظيم هذه، يترتب عليها فقدان لأجزاء من المادة المتعلمة، أو النسيان أو تغير الأثر. ونظرية تغير الأثر تتضمن اختفاء المعلومات المخزونة من الذاكرة بسبب عملية أو أكثر من العمليات الفسيولوجية.
نظرية التداخل:
وتفسر هذه النظرية النسيان في ضوء التداخل بين كل من الخبرات المخزنة في الذاكرة والخبرات الجديدة التي يتم تعلمها. ويوجد شكلان من التداخل، هما:
       الكف الرجعي: ويشير إلى كف المعلومات الجديدة للمعلومات المخزنة في الذاكرة. مثلا على ذلك:" لو اخذنا بعد دراسة مادة معينة قسطين من الراحة، قسطاً اول نتأمل فيه ما درسناه وقسطاً ثانيا نترك فيه قوانا العقلية في راحة تامة، فان هذا سيساعد على تثبيت المادة المدروسة، في حين اننا لو شرعنا بعد دراسة المادة الاولى في دراسة مادة ثانية، فان المادة الثانية من شأنها ان تحدث تأثيراً رجعياً في المادة الاولى وتجعل مستوى النسيان فيها يزداد بسرعة".
       الكف القبلي: ويشير إلى كف المعلومات القديمة للمعلومات الجديدة. وهذا يعني تداخل تعلم سابق وتأثره على استدعاء تعلم لاحق، فان قامت مجموعة من الافراد بتعلم مجموعة من الكلمات (القائمة أ) ثم قاموا بعد ذلك بتعلم قائمة مماثلة (القائمة ب) فان الاستدعاء المباشر للقائمة (ب) يكون اقل مما لو انهم لم يتعلموا القائمة (أ)، وهذا النقص في مستوى الاستدعاء يقال انه بسبب تداخل او تأثير القائمة (أ) على القائمة (ب).

نظرية الاستعمال والإهمال:
قدم هذه النظرية ثورانديك، وتشير إلى تقوية المعلومات المتعلمة من خلال تكرار استخدامها، وفقدان المعلومات المتعلمة نتيجة لإهمالها أو عدم استخدامها، ونتيجة لهذا تتعرض هذه المعلومات للتلاشي التدريجي إلى أن يتم نسيانها.

نظرية الفشل في الاسترجاع:
تشير إلى أن النسيان يحدث نتيجة لإخفاق الفرد في استرجاع الخبرة التي تم اختزانها في الذاكرة، نتيجة لتأثير بعض العوامل، مثل: سوء التنظيم أثناء التخزين، خفض الحافز، والدافعية غير المناسبة، أو أي عامل آخر يمنع الفرد من استرجاع ما قام بتخزينه، وقد ثبت أنّ تغيير الظروف يمكن أن يساعد على تذكر ما قد أعيق.

العوامل التي تساعد على النسيان:
1-    العوامل الجسمية او نفسية: مثل التعب، الارهاق، المرض، القلق او الخوف.
2-    التعلم الناقص او الغير مكتمل.
3-    الانشغال في عدة نشاطات في وقت واحد.
4-    الميل الى تذكر الامور السارة اكثر من المؤلمة.
5-    الاحداث الضعيفة.
6-    الاعتماد على حاسة واحدة في عملية الحفظ.

7-    عدم ربط المدركات بموضوعات حاضرة بالذهن.