الاثنين، 14 ديسمبر 2015

د. لؤي زعول / ابو بكر ابن الطفيل / نصوص نفسية عند علماء المسلمين

جامعة الخليل
           د. لؤي زعول                                            نصوص نفسية عند علماء المسلمين
   (دكتوراه بعلم النفس الاجتماعي والعملي)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ابن طفيل (1100م -1185م )
حياته: 
·        هو أبو بكر محمد بن عبد الملك بن محمد بن محمد بن طفيل القيسي الأندلسي
·        عربي من بني قيس عيلان بن مضر، وينسب أيضاً فيقال: الأندلسي والقرطبي والإشبيلي ويكنّى بأبي جعفر.
·        هو فيلسوف ومفكراً وفيزيائي وقاض أندلسي وطبيباً وفلكياً ومن تلاميذه ابن باجه وابن رشد.
·         ولد في وادي آشن، على مسافة 53 كم في الشمال الشرقي من قرطبة، ثم تعلم الطب في غرناطة وخدم حاكمها.
·        كان حريصا على الجمع بين الشريعة  والحكمة.
·        انتقده طالبه ابن رشد في رأي التوحيد بين العقل الهولاني والقوة المتخيلة، في حين انتقد ابن الطفيل، ابن باجة في حبه للمال وانشغاله بالدنيا، مع الاشادة بفضله الكبير في موضوع اخرى، كما ابن الطفيل الفارابي بصفه انه كثير الشكوك والاضطراب في ارائه.
·        كما اشاد بالغزالي الذي اعتبره من الذين وصلو الى السعادة القصوى والمواصيل الشريفة.
·        توفي في مدينة مراكش، ودفن هناك، واشترك السلطان أبو يوسف في تشييع جنازته.

مؤلفاته:
له العديد من المؤلفات واسهاماته منها في الطب والفلك والنفس والفلسفة غير انه لم يصلنا منها الا القليل، كما ذكر ابن أبي أصيبعة أنه كان بين ابن الطفيل وابن رشد مراجعات ومباحث في "رسم الدواء" جمعها ابن رشد في كتابه "الكليات"، كما كانت لابن طفيل أرجوزة في الطب تتألف من 7700 بيت. ويقال إن ابن طفيل كانت له آراء مبتكرة في الفلك ونظريات في تركيب الأجرام السماوية وحركاتها.
يقول الباحث ليون غوتيه في كتابه عن ابن طفيل : على الرغم من عدم وجود أي شيء مكتوب عن الفلك، باستثناء بعض الفقرات القصيرة في كتاب حي ابن يقظان، فإننا نعرف أن ابن طفيل لم يكن راضياً عن النظام الفلكي الذي وضعه بطليموس، وأنه فكر في نظام جديد. واستشهد الكاتب على ذلك بما كتبه كل من ابن رشد والبطروجي. فابن رشد في شرحه الأوسط لِـ "الآثار العلوية" لأرسطو، انتقد بدوره فرضيات بطليموس عن تكوين الأفلاك وحركاتها، وقال إن ابن طفيل يتوفر في هذا المجال على نظريات رائعة يمكن الاستفادة منها كثيراً. كما أن البطروجي في مقدمة كتابه الشهير عن الفلك، ذكر أن ابن طفيل أوجد نظاماً فلكياً ومبادئ لحركاته، غير تلك المبادئ التي وضعها بطليموس. ويتساءل الباحث الفرنسي عن احتمال أن تكون فرضيات ابن طفيل تشتمل على بعض العناصر الأساس من الإصلاح الفلكي العظيم الذي جاء به كوبرنيك وجاليلي بعد أربعة قرون.
لم يصلنا من مؤلفاته الا القليل وقصة "حي بن يقظان" وهي قصة فلسفية صوفية ترجمة الى العديد من اللغات منها واللاتينية والاسبانية و الفرنسية وغيرها وهذا دليل علة قوة وقدرة ابن الطفيل العلمية.

ملخص قصة حي بن يقظان:
اسطورة عربية تحكي قصة طفل وليد، وضعته أمه في تابوت وقذفت به في البحر، خوفاً من بطش ملك الجزيرة التي تعيش فيها، فقذفته الامواج الى شاطئ جزيرة منعزلة عن المجتمع الانساني، ولا يعيش فيها احد من البشر، فحنت على الوليد ظبية، فقامت بإرضاعه وتولت أمر تربيته، نشأ حي بن يقظان وحيداً في جزيرة، وتعلم كثيرا من الامور المعينة على الحياة، فتعلم صناهة الكساء والبناء وصناعة الرماح واستخدام النار وعلاقته مع المحيط وتدبير امره،،، الخ، وبهذه القصة عرض ابن الطفيل مذهبه الفلسفي الذي اشتهر به، وقد سبقه بذلك وتشابه معه الفيلسوف ابن سينا الذي تحدث ايضا عن قصة حي بن يقظان، التي تحكي قصة رجل شيخ مهيب خرج سائحاً من بيت المقدس ليشاهد عجائب صنع الله عز وجل، ويرمز حي بن يقظان الى العقل الفاعل الذي يهدي الانسان الى معرفة الحقائق العقلية العليا والأفلاك السماوية، التي يصل اليها الانسان عبر المعرفة العقلية وهو العقل الفاعل.

النفس:
ان النفس في الحيوان والإنسان عند ابن الطفيل، وهي روح حيواني مركزه الاساسي في القلب، وهو سبب حياة الحيوان والإنسان وأفعالهما المختلفة، وينبعث الروح الحيواني عن طريق الاعصاب من القلب الى الدماغ، ومن الدماغ الى جميع أعضاء الجسم، وهو الذي به تتم جميع افعال اعضاء الجسم. ومع ان اعضاء الانسان المختلفة يقوم كل منها بفعل خاص مختلف عن غيره، إلا ان أفعالعا جميعاً تصدر عن روح واحد، وهي حقيقة الذات، وسائر الاعضاء كلها كالالات.

النفس النباتية:
لها وظائف تشترك فيها جميع انواع النباتات، سواء بالتعذي او النمو.

القوة الحيوانية :
تقوم النفس الحيوانية على الافعال الخاصة بالنفس النباتية، وهي الاغتذاء والنمو، وتزيد عليها افعال الحس والادراك والحركة الارادية.

القوة الحاسة:
 يدركها كل من الانسان والحيوان وهي الحواس خمس:
-       السمع وهي التي يدرك بها المسموعات.
-       البصر التي يدرك بها الالوان.
-       الشم هي التي يدرك بها الروائح.
-       اللمس وهي التي يدرك بها الصلابة واللين.
-       الذوق وهي التي يدرك بها الطعوم.

القوة الخيالية:
هي القوة التي يستطيع بها الانسان استحضار صور المحسوسات بعد غيابها عن الحواس.

القوة النزوعية:
النزوع: هي الدافعية التي توجة الانسان نحو سد حاجاته البدنية مما تدعو اليه الضرورة في بقائه. وهذه امران (احدهما ما يمده من الداخل، ويخلف علية بدل ما يتحلل منه، وهو الغذاء والاخر: ما يقيه من خارج، ويدفع عنه وجوه الاذى من البرد والحر والمطر ولفح الشمس والحيوانات المؤذية نحو ذلك) اي القيام بإشباع هذه الحاجات لحفظ حياته وبقاء نوعه.

النفس الناطقة:
هي النفس التي يتميز بها الانسان عن الحيوان، وهي القوة التي تتصفح أشخاص الموجودات المحسوسة وتقتنص منها المعنى الكلي، وهي القوة الناطقة التي يدرك بها الانسان وجود الخالق لهذا العالم البديع الصنع، وهذه القوة ( امر رباني الهي لا يستحيل ولا يلحقه الفساد، ولا يوصف بشيء مما نوصف به الاجسام، ولا يدرك بشيء من الحواس، ولا يتخيل، ولا يتوصل الى معرفة بالة سواه، بل يتوصل اليه به،  فهو العارف والمعروف،  ومن العالم والمعلوم والعلم).

نظرية المعرفة:
يتضح لنا من قصة حي ابن يقظان لابن الطفيل ان للمعرفة طريقين:
1-   طريق صاعد: من الحس والمشاهدة والتجربة، متدرجة الى البحث والنظر العقلي القائم على الاستنتاج والاستنباط، حتى ينتهي الى معرفة وجوب الوجود، الله سبحانه وتعالى خالق الكون، وكل ما فيه من موجودات، وهي حسب ابن الطفيل الخطوة الاولى للمعرفة، لكنها ليست كافيه لحدوث الاشراق ومشاهدة الحق جل جلاله.
2-  طريق التصوف: وهو طريق هابط تفيض فيه المعرفة من الله سبحانه وتعالى على الانبياء ورسله والاولياء الصالحين، وهي التي تكمل الاولى للوصول الى المعرفة عن طرق الكشف الصوفي، او عن طريق الوحي.
وقد بدأ ابن يقظان في سلوك هذا الطريق بالرياضة الروحية ملزما نفسه بالاستمرار بالتفكير في واجب الوجود مجردا نفسه من كل المحسوسات والقوة الجسملنية المختلفة، حتى توصل الى الواحد الحق والموجود الثابت بقوله ( لمن الملك اليوم؟ لله الواحد القهار!) ففهم كلامه وسمع نداءه ولم يمنعه عن فهمه كونه لا يعرف الكلام ولا يتكلم.

السعادة:
ان السعادة العظمى عند ابن طفيل هي في مشاهدة واجب الوجود، خالق الموجودات، الله سبحانه وتعالى، وان الطريق الذي يسلكه الانسان لاستمرار السعادة هي دوام المشاهدة، عبر الالتزام بالتفكير في الوجود، والابتعاد عن جميع المحسوسات التي تأثر على الانسان بسبب الجوع والعطش وابرد والحر التي تحجب المشاهدة، وتقوي النفس الدنيوية. واذا سعدت النفس الانسانية باتصالها بالله في الدنيا ثم فارقت البدن وهي على هذا الاتصال استمرت في سعادة دائما، أما من وافته المنية وهو محروم من مشاهدة الله تعالى بقي في عذاب وآلام دائم.






__________________________________________________________

ملخص من المرجع المقرر للمساق:
 نجاتي، محمد عثمان، الدراسات النفسية عند علماء المسلمين، ط1، بيروت: دار الشروق 1993.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق