الأربعاء، 9 ديسمبر 2015

د. لؤي زعول / عبدالرحمن ابن خلدون /نصوص نفسية


جامعة الخليل
           د. لؤي زعول                                        نصوص نفسية عند علماء المسلمين
   (دكتوراه بعلم النفس الاجتماعي والعملي)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
محاضرات نصوص  نفسية (ابن خلدون)
حياته:
·        هو عبد الرحمن بن محمد الملقب بأبن خلدون ، هو زعيم المؤرخين وكبير المربين.
·        ولد في تونس عام 1332م -732ه، وتوفي عام 1406م-808 هجري
·        دفن خارج باب النصر بمقبرة الصوفية، وكانت تونس في ذالك الحين تموج بافواج من العلماء الذين نزحوا اليها من الاندلس.
·        نشأ ابن خلدون بين اسرة عريقة في الشرف، حيث اشتغل كثير من افرادها بالعلم والسياسة.
·        حفظ القران وقرأه وهو ابن السبع سنين، ثم تلقى ثقافته الاولى على يد والده، فتعلم العربية ووعى كثيرا من اصول اللغه والادب، ودرس الدراسات العقليه وتعمق في الفلسفة والمنطق.
·        اصبح عبقريا وهو لم يبلغ العشرين من عمره.
·        يعتبر ابن خلدون مؤسس لفلسفة التاريخ وعلم الاجتماع.
·        تولى منصب الكتابة للسلطان ابي اسحق صاحب تونس، ولكنه سرعان ما ترك هذا المنصب عندما شبت الفتن والاضطرابات في عاصمه الدولة الحفصية (دولة بني حفص) فتركها وذهب الى تلمسان، ثم بجاية ثم بلاد الاندلسفاستقر عند ابى عبد الله محمد بن الاحمر ملك غرناطه ثم بعثه الى بيدرو ملك قشتالة
·        كان ابن خلدون سياسيا محنكا ذا درايه باخلاق الحكام، واعجب به بيدرو وعرض عليه ان يقيم معه، فأبى وعاد الى غرناطة ولكنه وجد ان الحياة لم تستقم له بعد عودته لان صديقه لسان الدين ابن خطيب كان وزيرا لملك غرناطه، حيث بدا يحقد عليه، واستطاع ان يغير صدر الملك اتجاه ابن خلدون، فرحل الى بجاية مرة اخرى واستقبله اميرها خير استقبال.
·        لكن الحوادث والدسائس كانت تلاحقه في كل مكان، فلم يلبث ان هرب الى فاس.
·         وكما ان عجلة الحوادث كانت تسير بسرعة فلم يتمكن ابن خلدون من الاستقرار وانتهى به الامر الى السجن.
·        في هذه الفترة مل ابن خلدون السياسة ومتاعبها ,فاستبدل دنيا السياسة بدنيا العلم واخذ يبحث ويقرا ويتامل الحوادث، وهو في مدينة تونس 780ه.
·        وفي هذه الفتره الهادئة من حياته اتم وضع المقدمة التي طارت شهرتها في الافاق، غير ان ابن خلدون لم تطب له الحياة الهادئة الساكنة ورجع للسياسة من جديد، لكن اعداءه كانوا له بالمرصاد فاخذوا ينسجون له من جديد حبال الدسائس ففر الى مصر مدعيا انه يقصد بيت الله الحرام للحج.
·        ثم ركب البحر الى قاهره المعز لدين الله سنه 784ه وكان ذالك في عهد السلطان برقوق الذي اكرمه واحسن لقاءه.
·        ولم يخلو ابن خلدون من كثرة الحساد في مصر فاخذوا يكيدون له حتى فسد الجو بينه وبين اولى الامر، وقد اتفق ذلك مع مصاب وخطب الم به وبأهله، ذلك بعد ان استقر في مصر وحسنت حياته، بعث الى اسرته بالمغرب يستقدمها الى مصر فتاهب اهله وبنوه وركبوا البحر ولكن سوء الحظ كان يسير في ركابهم، فقد عصفت العواصف واشتدت الرياح في البحر الابيض المتوسط فحطمت سفينتهم، وغرقوا جميعا، فاجتمع لديه كيد حساده له ومصيبته بفقد اسرته، فشق عليه ذالك واحزنه غاية الحزن واستقال من مناصبه.
·        ويصور لنا ابن خلدون نبأ الفاجعة بقلمه حيث يقول:(ووافق ذلك مصابي بالأهل والولد، وصلوا من المغرب في السفين، فأصابها عاصف من الريح فغرقت وذهب الموجود والسكن والمولود فعظم المصاب والجزع ورجح الزهد واعتزمت الخروج عن المنصب)
·        ولكنه ظل منقطعا للتدريس بالازهر والتاليف واعرض عن الدنيا، واستمر يخدم العلم.

أخلاقه:
يقول لسان الدين بن الخطيب الذي كان حاقدا عليه وعدوه "ان ابن خلدون هو رجلا فاضل حسن الخلق ظاهر الحياء، عزوفا عن الظلم، خاطبا للحظ، متقدما في فنون عقليه ونقليه، سديد البحث، كثير الحفظ، بارع الخط، حسن المعاشرة.
لا شك فيه ان هذا العالم كان ذو شخصيه ممتازة يتميع بعقليه جبارة وذكاء خارق وذاكرة قوية ورأي سديد.


إنتاجه الفكري:
لابن خلدون مؤلفات مختلفة ومنها: مقدمته المعروفة لكتابه (العبر وديوان المبتدأ والخبر، في ايام العرب والعجم والبربر، ومن عاصرهم من ذوى السلطان الأكبر) وبالمقدمة نال شهرته العظيمة.

مجهوده الفكري في حقل التربية الإسلامية:
وضع ابن خلدون أسس علم الاجتماع وفلسفة التاريخ. وكانت آراؤه في التحقيق التاريخي على درجة كبيرة من السداد والصواب، وقد كان احد زعماء التربية الإسلامية الذين شاركوا في وضع مبادئها.

اغراض التربية الإسلامية في نظر ابن خلدون
1-الغرض الديني: ويقصد به العمل للاخره حتى يلقى العبد ربه وقد أدى ما عليه من حقوق.
2-الغرض العملي الدنيوي: وهو ما تعبر عنه التربية الحديثة بالغرض النفعي او الإعداد للحياة

كان المسلمون يخالفون الرومان الذين كانوا يقصدون من التربية: التربية الحربية والتربية البلاغية، ويخالفون الاسبرطيين الذين كانوا يعدون الشباب للحياة الحربية، والأثينيين الذين كانوا يعملون على تعليم الشباب العلوم العقلية والفلسفية. ولا شك ان هذه الإغراض كلها دنيوية.

وقد بنيت التربية الإسلامية على هذه القاعدة الحكيمة التي رسمها القران الكريم في هذه الآية الكريمة "وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة، ولا تنسى نصيبك من الدنيا" وعلى ما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم :"اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا واعمل لأخرتك كأنك تموت غدا".

كما جمعت التربية الاسلامية بين الغرضين الديني والدنيوي: بعكس التربية القديمة عند اليونان والرومان فالتربية الإسلامية في جوهرها تتطلب من الناشئ ان يكون رجلا فاضلا مهذب النفس نافعا في الحياة العملية. بمعنى اعداد رجال يستطيعون ان يعيشوا عيشاً جيداً، ليتفق بذلك ابن خلدون مع هربرت سبنسر الفيلسوف التربوي الانجليزي.
مناهج التربية الإسلامية:
للتربية الاسلامية مناهج تختلف باختلاف البيئات الإسلامية، ولكن المسلمين متفقون على ان القران الكريم هو أصل الدين ومصدر العلوم، ولذلك جعلوه أصلا من اصول التعليم وأساسا من أسس التربية الإسلامية.
مناهج التربية نوعان:
1-  منهج ابتدائي:
المنهج الابتدائي يعد عاما في جميع الأقطار الاسلامية من حيث الاتفاق على دراسة القران الكريم، وحديث الرسول صل الله عليه وسلم ولكنه يختلف بحسب ما يضاف اليه من المواد الدراسية باختلاف البيئات الاسلامية، ومنها مثلا:
أ‌-     أهل المغرب وشمال افريقيا وبلاد البربر يقتصرون في تربيه الناشئ على تحفيظ القران الكريم ولا يخلطون معه شيء اخر.
ب‌- اما أهل الأندلس كانوا يمزجون بين تدريس القران الكريم وغيره من العلوم، كرواية الشعر والنثر، واخذ الناشئين بقواعد اللغه العربية وحفظها وتجويد الخط.
ت‌-اما اهل المشرق والمقصود بهم العراق وما يجاوروها من الاقطار الاسلامية، فمذهبهم كأهل الأندلس، من حيث الجمع بين تحفيظ القرآن الكريم ودراسة العلوم الاخرى. الا انهم يختلفون من في جهتين:
·        اهتمامهم وعنايتهم بالقران الكريم كانت اشد من الاندلس.
·        كانوا يفصلون الخط عن المنهج الدراسي ويجعلون له معاهد خاصة ومعلمين مستقلين.

نقد ابن خلدون لهذا المنهج :
1-  يرى ابن خلدون ان اقتصار اهل المغرب وافريقيا على دراسة القران الكريم للناشئين يجعلهم قاصرين عن بلوغ القدرة الإنشائية في التعبير وذلك لانهم كانوا يحملون الولدان على الحفظ فقط من غير تفهم لأساليب القرآن ووقوف على الاسرار البلاغية في آياته على قدر الطاقة.
2-  اما الاندلس فقد كانوا يخلطون مع القران ودراسة اللغه العربية وفنون النثر والشعر والخط، ولذلك مهروا في الخط وكان لهم ادب بارع ولسان فصيح وقدرة مبدعه على الانشاء والتعبير.
ويعرض ابن خلدون رأي امام من ائمه التربية الاسلامية وهو القاضي ابو بكر بن العربى ويقول:ان الشعر ديوان العرب فلا بد من تقديمه وتقديم اللغة العربية في الدراسة. فاذا حصل الصبي قدرا من ذالك انتقل الى الحساب فيتمرن عليه، ويعرف قوانينه ثم ينتقل الى دراسه القران الكريم.
وقد وافق ابن خلدون على هذه الطريقة (طريقة ابن العربى) ويؤيدها، ولكنه يرى ان عادات أهل المغرب لا تساعد على اخذ الناشئين بها، لأنهم اعتادوا على تقديم دراسة القران على كل ما سواه، لان ذلك من التبرك والثواب ولأنه يحمي الأولاد من الشرور التي قد يتعرض لهم في أيام الصبا.

2- منهج عالي:
يقسم ابن خلدون العلوم المتعارفة عند اهل العراق قسمين:
1.    علوما مقصودة بالذات: وهي العلوم الشرعية من فقه وتفسير وحديث وكلام والطبيعيات والإلهيات والفلسفة، التي ينبغي التوسع بها عبر تعليم والإحاطة والوقوف على دقائقها.
2.    علوما غير مقصودة لذاتها: ولكنها تتخذ اله للمهارة في العلوم السابقة كاللغة العربية والحساب والمنطق، فلا ينبغي التوسع بها الا بالقدر الذي يعين على فهم المقاصد.

ومن اجل ذلك يحمل ابن خلدون حملة قوية على العلماء الذين يتوسعون في العلوم التي تعد آلات لغيرها، لأنهم أطالوا البحث فيها ووسعوا أبوابها الى الدرجة التي جعلتهم ينحرفون بها عن الغاية منها فأصبحت هذه العلوم غاية مقصودة والأصل فيها انها وسيلة الى غيرها، فالاشتغال بها وترك المقاصد فيه مضيعة لوقت المتعلم.




ثم يؤثر ابن خلدون علم النحو ويقول:
انه لا ينبغي ان يدرس هذا العلم دراسة نظرية لان الغاية منه تدريب الطفل على ان يجيد التعبير عما في نفسه وان يقراء قراءة صحيحة، ويفهم ما يقراء. والنحو والبلاغة ضربان من فلسفة اللغة فيجب الا يبدأ في تعليمهما للطفل الا بعد ان يبلغ سنا ملائمة.
عليه يرى ابن خلدون التوسع في العلوم الشرعية وعدم التوسع في العلوم الآلية، حيث ينصح الا يوسع الكلام في العلوم الاليه بخلاف العلوم المقصودة بالذات،

آراؤه في التربية الاسلامية وطرقها:
1.   ضرورة إلمام المربي بفن التدريس والتربية والتعليم
أ‌-     لا يكفي ان يكون العلم وحده سلاح المعلم، بل لا بد له من دراسة نفسية للأطفال ومعرفة درجة استعداداتهم ومواهبهم العقلية، حتى ينزل الى مستواهم الفكري وبذلك يتم الاتصال بينه وبين الناشئين.
ب‌- ان دراسة فن التربية وطرق التدريس من اهم ما يعني به المربون، ثم يلوم المدرسين الذين لا يعنون إلا بتربية الحافظة، وحشو أذهان التلاميذ بمعلومات لا تترك اثرا في عقولهم.
ت‌-ان مدة الدراسة في بلاد المغرب تصل الى سته عشرة سنة ومع ذلك لم يحصل الناشئون على المهارة في العلم وكسب الملكة فيه، بسبب عناية مدارسهم بالحفظ دون سواه. بعكس نظام التربوي في تونس حيث تكون مدة الدراسة لا تزيد عن خمس سنوات ومع ذلك يحصل الناشئون على الملكة في العلم بسبب اهتمام المدرسين بالبحث والمناظرة وحمل التلاميذ على التفكير مع مراعاة استعداداتهم.
ث‌-يعتقد ان دراسة علم التربية واجب على من يريد ان يكون معلما، لانه لا يكفي ان يعلم غيره كما كان يعلم.
ج‌-  ان المدرس الذي لم يدرس التربية وعلم النفس وطرق التدريس، ولم يعد الاعداد الضرورة لمهنة التعليم، يعتبر طفلاً، ولا يجوز ان يقوم طفل بتعليم طفل اخر فان هذا النوع من التعليم ناقص.
ح‌-  وتتطلب مهنة التدريس ان يكون المدرس متينا في المادة التي يقوم بتدريسها بحيث يعرف كل صغيرة وكبيرة عنها.
خ‌-  والمعلم عليه ان يدرس علوم التربية ونفسية الأطفال وميولهم وغرائزهم كي يستطيع ان ينجح في عمله، وقد اعتبر ابن خلدون انه مما يخالف العقل ان يقوم بتعليم الأطفال قوم لا يعرفون شيئا عن قواعد التربية وطرقها.
د‌-    ان الوسيلة الوحيدة لإصلاح المدارس والنهوض بالتعليم هي إعداد المدرسين لمهنتهم.

2.   التدرج والتكرار في التدريس او الإجمال في البدء ثم التفصيل:
أ‌-     يجب ان يكون تعليم الناشئين قائما على أساس إجمال المعلومات في البداية، على ان يكون التفصيل بعد ذالك بالتدريج، فتلقى على الناشئ أولا مسائل من كل باب من الفن ثم يقربها المدرس من أذهان التلاميذ بالشرح الواضح، مراعيا بذلك نموهم العقلي، وقدرة استعدادهم لقبول ما يلقى عليهم.
ب‌- اتفق ابن خلدون مع التربية الحديثة في ضرورة مراعاة الاستعدادات والمواهب الفطرية في التدريس.
ت‌- يرى ابن خلدون ان استعداد الناشئ لفهم العلم يأتي تدريجيا وهذا ما تنادي به التربية الحديثة التي تقول بتدرج النمو العقلي للطفل، وانه يأتي على مراحل أي من الاسهل الى الاصعب.

3.   الانتفاع بوسائل الايضاح والرحلات في تبسيط الدروس:
أ‌-     يحث ابن خلدون على الاعتماد على الامثلة الحسية في تفهيم التلميذ لانه في البداية ضعيف الفهم وقليل الادراك
ب‌- ويحث على الرحلات الى الاقاليم النائية في طلب العلم واستفادته، لانها تفتح امام الناشئين كثيرا من ابواب العلم، ووقفهم على مشاهد لها اثر في توضيح المعلومات وفهمها، تزيد من تجاربهم.
ت‌- التربية الحديثة توافق ابن خلدون على ان استخدام الرحلات وسيلة مهمة في تحصيل المعلومات بطريقة عملية وان قصد ابن خلدون فيها لقاء كبار العلماء و الفقهاء.
ث‌- نادى ابن خلدون بالرحلة والسفر من اجل طلب العلم فقد كان المسلمون يرحلون من بلد الى بلد ومن مدينه الى مدينه لتحقيق كلمة او جملة او مسالة من المسائل على يد علماء عرفوا بالتبخر في العلوم ولم يبالوا بمتاعب السفر ومشاقة
ج‌-  وقد ذكر ابن خلدون ان تاج الإسلام أبا سعد تلقى العلم في الديار المختلفة واتصل بأربعة ألاف من الأساتذة وان سليمان الفلسطيني اتصل في مصر واليمن والجزيرة والحجاز بألف أستاذ في اثنتين وعشرين سنة.

4.   ألا يؤتى بالغايات في البدايات:
أ‌-     لا تقدم الى الناشئ التعريفات والقوانين الكلية في اول عهده بالدرس.
ب‌-الابتداء بالامثلة الكافية التي تساعد في فهم القواعد والتعريفات.
ت‌- مواجهة الناشئ بالقواعد الكلية والقاء مسائل التعلم دفعة واحدة، وهو غير مستعد لفهم ما يلقى عليه في هذه الفترة من عمره العقلي يصيب عقله بالكلال والكسل، ويقتل نشاطه الفكري ويجعله ينصرف عن العلم ويكرهه

5.   ضرورة الاتصال في مجالس العلم:
يرى ابن خلدون ألا يطول على المتعلم في الفن الواحد بتفريق المجالس، وتقطيع ما بينها لان ذالك ذريعة النسيان، وانقطاع مسائل العلم بعضها عن بعض وان يحرص المدرس على ان تكون الدروس التي تلقى على الناشئ متصلة.
وهذا الرأي لا تقره التربية الحديثة لانها تنادى بضرورة التنويع والتغيير في الدروس لان النفس تسام العمل الواحد المستمر، ولان فترات الراحة التي تكون بين الدروس تساعد في النشاط وتثبيت المعلومات في أذهان المتعلمين
6.   عدم الخلط بين علمين في وقت واحد:
·        يقول ابن خلدون بانه لا يجوز ان يعلم الناشئ علمين معاً في وقت واحد ذلك:
أ‌-     لأنه قل ن يظفر بواحد منهما بسبب تقسيم البال، وانصرافه عن كل واحد منهما الى تفهم مسائل العلم الأخر، وبذلك يبوء بالخيبة والإخفاق فيهما.
ب‌- اما اذا تفرغ لعلم واحد كان رائعا بتحصيله، ومعرفة مسائله.
·        وان هذا الرأي ينافى طرق التربية الحديثة التي تدعو الى التنويع في المواد الدراسة في مرحلة الثقافة لان ذلك يجدد نشاط المتعلمين، ويزيد في اقبالهم على تلقى الدروس، اما الاستمرار في دراسة علم واحد فانه يدعو الى السامة والملل والتعب والعقلي.

7.   الا يبدأ بتدريس القران الا عندما يصل الطفل الى درجة معينه من التفكير:
أ‌-     يلوم ابن خلدون المربين في زمانه على تلك الشائعة التي ليس لها مبرر وهي تحفيظ القران للناشئ في بداية تعليمه اعتقادا منهم ان دراسة القران للوليد تعوده منذ الطفولة ان يكتب وان يتكلم بلغة فصحة وانه يحميه من شر الرذائل
ب‌- ويقول ابن خلدون"ان القران كلام الله المنزل وليس لنا ان نقلده وليس له تاثير في اللغة قبل ان يفهم الوليد معانيه ويتذوق أساليبه
ت‌- لن يكون للقرآن تأثيره اللغوي والمعنوي، الا بعد ان يصل الطفل الى درجة معينه من التفكير تمكنه من فهم معانيه
ث‌-زعم بعض المفكرين امكان ترجمة القرآن الى اللغات الأجنبية وابن خلدون يقول بعبارة صريحة:ان القران والسنة عربيتان ليس من الممكن ترجمتهما، بخاصة القرآن الكريم، والشعوب الإسلامية غير العربية لم تحاول ترجمته عملا بالنص الكريم"انا انزلناه قرآناً عربيا"
ج‌-  والأفضل ان يبدأ التلميذ بتعلم القراءة والكتابة والحساب ثم ينتقل الى قرآءة القران الكريم وتفهم معانيه وحفظه.

8.   تجنب المختصرات في التعليم:
·         يرى ابن خلدون ان من العوامل التي تقف عقبة في سبيل التعليم هي اختصار الكتب وان المتأخرين قد أولعوا بهذه الطريقة.
·        ان في هذه الطريقة إفسادا للتعليم وإخلالاً بالتحصيل وتضييعاً لوقت المتعلم في تتبع ألفاظ الاختصار العويصة في الفهم واستخراج المسائل من بينها.
·        وقد حمل هذا المتأخرين على ان يقصدوا بالمختصرات تسهيل الحفظ على المتعلمين فأركبوهم مركبا صعبا يحول بينهم وبين الانتفاع بالدراسة.
·        لقد ثار ابن خلدون على هذه الطريقة لأنها ترهق العقل وتشوش نظامه وتضيع وقت المتعلم  ثم لا تثبت معلوماتها في أذهانهم الا مدة يسيرة
·        لا عجب اذا نفر التلاميذ من الدراسة وسئموا العلم والتعليم لانهم لم يجدوا من يرغبهم في البحث او يستمليهم الى الاطلاع.

9.   عدم مطالبة التلاميذ باستيعاب ما كتب في كل علم
يرى ابن خلدون الا يطالب التلاميذ باستيعاب ما كتب في كل علم فان ذلك يعوقهم عن التحصيل، وقد قال "اعلم انه مما اضر بالناس في تحصيل العلم والوقوف على غاياته كثرة التاليف واختلاف الاصطلاحات في التعليم، ثم مطالبة المتعلم والتلميذ باستحضار ذلك كله فيحتاج المتعلم الى حفظها كلها او اكثرها، ولا يفي عمره بما كتب في صناعة واحدة اذا تجرد لها فيقع القصور"

10.           استعمال الشفقة في معاملة الاطفال وتهذيبهم:
أ‌-     يدعو ابن خلدون الى الرحمة والشفقة بالأطفال وتهذيبهم باللين والتفاهم لا بالشدة والغلظة ,فاذا اخذ التلميذ بالقسوة والغلظة ضاعت نفسه وذهب نشاطه فيفسد منذ الصغر.
ب‌-رفض ابن خلدون استعمال السوط في التربية والتأديب، اعتبر انه لا مانع من من استعمال العصا بدلا من السوط عند الضرورة القصوى واذ لم ينجح كل الوسائل التهذيبية في تاديبه.
ت‌-يرى ابن خلدون ان استعمال الشدة مع التلاميذ مضرة بهم جسميا وخلقيا واجتماعيا ووجدانيا وقد تأثر في رأيه بأراء من سبقه من فلاسفة الإسلام.
ث‌-فابن سينا يقول ان حسم الداء خير من علاجه وان المربي الحازم هو الذي يبعد الطفل عن البيئة التي تشجعه على الأخطاء فإذا أخطا الطفل استعمل معه المربي وسائل الحكمة بالترغيب حينا والتوبيخ حينا والتفهم حينا، فإذا اضطر الى استعمال اليد في العقوبة فلا مانع وليكن أول الضرب موجعا، فان الضربة الأولى اذا كانت موجعة اشتد خوف الصبي مما بعدها.
ج‌-  الغزالي يقول:الا يقسو المعلمون على تلاميذهم وينادي بالإشفاق بهم والعطف عليهم ومعاملتهم معاملة الأبناء
ح‌-  ويرى العبدري منع الشدة في معاملة الاطفال، ويحذر المعلمين من إعداد عصا لضرب الصبيان، لان هذا لا يليق بمن ينتسب الى حملة الكتاب العزيز، فالصبيان يختلفون.
خ‌-  وقد نصح ابن خلدون المعلمين والإباء والأمهات الا يستبدوا في التعليم والتهذيب والتربية والتأديب، ورسم لهم منهجا قوياً لتأديب الصغار، وطريقة معاملتهم واستمده من وصية الرشيد لمؤدب ولده الأمين وهذه الوصية تقوم على أساسين وهما:
*   منهج دراسي لتعليم الأمين *    طريقة لتنفيذ هذا المنهج وتعليمه
وهي الوصية التي تعد من ابلغ الوصاية التربوية التي يجدر تعليمها للمعلمين لينتفعوا بها.

11.            القدوة الحسنة:
أ‌-     لم تصل التربية الحديثة الى أبدع من اتخاذ القدوة الحسنة وسيلة الى تعليم الأخلاق وغرس أصول الفضائل في النفوس.
ب‌- ان ابن خلدون يرى بان الأطفال يتأثرون بالتقليد والمحاكاة والمثل العليا التي يرونها اكثر مما يتأثرون بالنصح والإرشاد.
ت‌- اننا لا ننتظر من المدرس ان يكون مدرسا فحسب بل ننتظر منه ان يكون مصلحا بالقدوة الحسنة والعظة حيث تنفع العظة. وان اثر المدرس الكفء يظهر في تلاميذه كما يظهر اثر الإباء في الأبناء
ث‌- المدرس يجب ان يكون مثلا عاليا وقدوة حسنة للتلميذ يحذو حذوه، هو روح التربية وهو القائد والصديق والمربي بالحقيقة والروح بالنسبة للطالب.
ج‌-  لا شك ان المعلمين قادة الافكار في الامة يمثلون الطبقة المثقفة العالمة فيها، فعليهم النهوض بأطفال اليوم ورجال الغد وبهم ترقى الامة الى اسمى درجات الحضارة والمدنية.

12.         تقوية الصلة بين الأساتذة والتلاميذ:
أ‌-     كان العلم والتعليم من الإعمال الاجتماعية الخاصة بالبشر لذلك كان وجودهما في الحياة المدنية الحضرية اكثر من وجودهما في الحياة البدوية، لان كلا منهما تشتد اليه الحاجة كلما استبحر العمران وعظم.
ب‌-ومما يفيد في الإحاطة بالعلم ان يكون ذلك عن طريق المحاكاة والتقليد والاتصال الشخصي بالعلماء فذلك من انفع الطرق في تلقى العلوم، اما تعلم العلم عن طريق التلقي والتدريس في الفصل اقل فائدة.
ت‌-ان ابن خلدون يستهدف من وراء ذلك غاية بعيدة تدعو الى التربية الحديثة وهي العمل على تقوية الصلة بين الأساتذة والتلاميذ خارج الفصل الدراسة حتى تتهيا الفرص الواسعة للتلاميذ كي يحتكوا بأساتذتهم عن قرب، ويتصلوا بهم وينتفعوا بأخلاقهم وينقلوا عنهم علومهم وآراءهم وتجاربهم في الحياة.
13.         تدريس العلوم باللغة الاصلية:
هذه فكرة ابن خلدون وهي ان تدريس العلوم ينبغي ان تكون باللغة الأصلية لان الدرس بلغة أجنبية يعد نصف الدرس، فاللغة العربية التي اتسعت في الماضي للثقافات الأجنبية من إغريقية وفارسية وهندية قادرة على ان تستوعب مصادر الثقافات الحديثة كلها من طب وصيدلة وكيمياء وفلسفة واقتصاد... الخ، لانها لغة غنية مرنة طيعة الأداء بما فيها من طريق المجاز والاشتقاق والتعريب التي تتيح للمترجمين الإمكانيات الضرورية للحصول على المصطلحات العربية الحديثة التي تعبر عما يقابلها من المصطلحات الأجنبية، مع التأكيد على تعلم اللغات الأخرى.  

الفلسفة عند ابن خلدون:
يرى ابن خلدون في المقدمة أن الفلسفة من العلوم التي استحدثت مع انتشار العمران، وأنها كثيرة في المدن ويعرفها قائلا: بأن قوما من عقلاء النوع الإنساني زعموا أن الوجود كله، الحسي منه وما وراء ألحسي تدرك أدواته وأحواله، بأسبابها وعللها، بالأنظار الفكرية العقلية وأن تصحيح العقائد الإيمانية من قبل النظر لا من جهة السمع، فإنها بعض من مدارك ألعقل وهؤلاء يسمون فلاسفة، وهو باللسان اليوناني محب الحكمة.

 فبحثوا عن ذلك وشمروا له وحوموا على إصابة الغرض منه ووضعوا قانونا يهتدي به العقل في نظره إلى التمييز بين الحق والباطل وسموه بالمنطق. ويحذر ابن خلدون الناظرين في هذا العلم من دراسته قبل الاطلاع على العلوم الشرعية من التفسير وألفقه فيقول: ¸وليكن نظر من ينظر فيها بعد الامتلاء من الشرعيات والإطلاع على التفسير الفقه ولا يكن أحد عليها وهو خلو من علوم الملة فقل أن يسلم لذلك من معاتبها.

لعل ابن خلدون وابن رشد اتفقا على أن البحث في هذا العلم يستوجب الإلمام بعلوم الشرع حتى لا يضل العقل ويتوه في مجاهل الفكر المجرد لأن الشرع يرد العقل إلى البسيط لا إلى المعقد وإلى التجريب لا إلى التجريد.
ومن هنا كانت نصيحة هؤلاء العلماء إلى دارسي الفلسفة أن يعرفوا الشرع والنقل قبل أن يمعنوا في التجريد العقلي.
فلسفة ابن خلدون:
امتاز ابن خلدون بسعة اطلاعه على ما كتبه القدامى على أحوال البشر وقدرته على استعراض الآراء ونقدها، ودقة الملاحظة مع حرية في التفكيروانصاف أصحاب الآراء المخالفة لرأيه.

وقد كان لخبرته في الحياة السياسية والإدارية وفي ألقضاء إلى جانب أسفاره الكثيرة من موطنه الأصيل تونس وبقية بلاد شمال أفريقيا إلى بلدان أخرى مثل مصر والحجاز والشام، أثر بالغ في موضوعية وعلمية كتاباته عن التاريخ وملاحظاته.

بسبب فكر ابن خلدون الدبلوماسي ألحكيم أرسل أكثر من مرة لحل نزاعات دوليه فقد عينه السلطان محمد بن الاحمر سفيرا إلى أمير قشتالة لعقد الصلح وبعد ذلك بأعوام استعان أهل دمشق به لطلب الأمان من الحاكم المغولي تيمور لنك، والتقوا بالفعل

الفكر التربوي عند ابن خلدون:
له مساهمة فعالة في علم التربية والذي لم يكن معروفا كعلم أكاديمي مستقل مثل أليوم وقد عملت دراسات كثيرة حول فكرة ألتربوي ويمكن إجمال أفكاره التربوية في التالي:
  • أن العلم ينقسم إلى علمين علم نقلي وعلم عقلي.
  • التدرج في التعليم.
  • البدء بالمحسوس والتدرج حتى الملموس.
  • يكون تعليم الصبي بداية بعض سور القرآن الكريم وبعض الأشعار حتى تقوى ملكة الحفظ.
ينتسب ابن خلدون في فلسفته الى عدة مدارس:
1-    المدرسة التاريخية الاجتماعية التي يقول أصحابها بأن الظواهر الاجتماعية يمكن تفسيرها واستنباط نظرياتها من حقائق التاريخ .
2-    المدرسة الاقتصادية وهي التي تفسر التاريخ تفسيرا ماديا واشرح الظواهر الاجتماعية شرحا اقتصاديا وان اي تغيير في المجتمع مرده العوامل الاقتصادية.
3- المدرسة الجغرافية وتقول ان الإنسان ابن بيئته ونتاج الظروف الطبيعية.


__________________________________________________________________________
ملخص من المرجع المقرر للمساق:
 نجاتي، محمد عثمان، الدراسات النفسية عند علماء المسلمين، ط1، بيروت: دار الشروق 1993.





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق